الاثنين، 4 مارس 2013

4 أول.إيجاز التعريف في علم التصريف (النص المحقق)

إيجاز التعريف في علم التصريف 

ص -56- بسم الله الرحمن الرحيم
وصلَّى الله على سَيِّدنا محمَّدٍ وآله وصحبه وسلم1
[ مقدّمة الكتاب ]
"قال الفقير إلى رحمة ربه، المستوهب مغفرة ذنبه: محمد بن عبد الله ابن مالك الطائي الجياني رحمه الله"2
أمَّا بعد حَمْدِ اللهِ الذي لا رَدَّ لكلمته، ولا حَدَّ لعظمته، والصَّلاةِ على صَفْوَة العَالَم وخيرته، وناسخ الشرائع بشريعته، وعلى آله وأصحابه وأسرته ؛ فإنَّ التَّصريف علمٌ تتشوَّفُ إليه الهِمَم العليِّة، ويتوقَّف عليه وضوح الحِكَم العربية، ويفتح من أبواب النَّحو ما كان مُقْفَلاً، ويُفَصِّل مِنْ أصوله ما كان مُجْمَلاً، وقد مُكِّنْتُ فيه بتوفيقٍ إلهيٍّ، وسعدٍ ناصريٍّ من انقياد الشوارد، وازدياد الفوائد، وتحصيل القواعد، وتفصيل المقاصد، " بعبارةٍ "3 تُسْتَعْذَب "وإشارة" 4 لا تُسْتَصْعَب، فألَّفْتُ ذلك في مجموع سَمَّيْتُهُ:
إيجاز التعريف في علم التَّصريف:
"و"5 الباعث على ثني عنان العناية إليه، وشحذ سنان العزم عليه؛

ــــــــــــــــ
(1) في ب: "وصلَّى الله على خيرته من خلقه سيدي محمَّد وآله وسلّم".
(2) ما بين الأقواس" "لا يوجد في ب.
(3) في ب: "بعبارات".
(4) في ب: "وإشارات".
(5) في ب: "فالباعث".



ص -57- التشرُّف بخدمة مولانا السلطان: الملك الناصر صلاح الدين1
أعزَّ الله ببقائه الدين والعباد، وأدام مزيد ارتقائه ما استمرَّت الآباد، فلقد اختصَّ من السجايا الكريمة بأجملها، ومن المزايا العميمة بأكملها؛ فلذلك لم يشغله تدبير مملكته الواسعة، وأقطارها الشاسعة، عن الإعياء في الفضائل، والإرباء على الأوائل، حتى استقَلَّ الفضلاءُ حَاصِلَهم فيما لديه، واضمحلَّ طائلهُم إذا نظروا إليه، فأعداؤه من سَطْوَتِهِ وَجِلُون، وأولياؤه عند رؤيَته خَجِلُون، علماً بأنَّ الأزمنة تضيق عن حصر معاليه، والألسنة " لا تطيق شكر أياديه " 2، لكن المحبة "إلى" 3 إنفاذ الوسع داعية، والنفوس بحسب الإمكان في مراضيه ساعية ؛ فلهذا سَهُلَ إقدامي على ما أنا فيه وإن فقت الدَّارين كحامل المسك إلى دارين 4.
وفي تقبُّل الله تعالى تقرب أوليائه بأعمال هي من جملة آلائه، تمهيد المعذرة للأنفس الحذرة والله تعالى سعف بحصول المنويّ وقبول المحفوظ والمروي بِمَنِّه ويُمْنِه.

ــــــــــــــــ
(1) تقدَّمت ترجمته في ص 30 من الدراسة.
(2) في أ: "والألسنة لا تضيق عن حصر شكر أياديه".
(3)في ب: "في إنفاذ".
(4)دارين: فرضة بالبحرين يجلب إليها المسك من الهند. ويُنْسَب إليها المسك، فيقال: مسك دارين. ينظر: معجم البلدان 2/432،والقاموس مادَّة ( درن )، وتمثال الأمثال 1/138.



ص -58- فصل
التصريف1: علم يتعلَّق بِبِنْيَةِ الكلمة وما لحروفها من زيادة وأصالة، وصحة واعتلال "وشبه2 ذلك"3
ومتعلِّقه من الكلمات: الأسماء التي لا تشبه الحروف، والأفعال4.

ــــــــــــــــ
(1) التصريف في اللغة التحويل والتغيير والتبديل، ومنه قوله تعالى:
{ وتصريف الرياح }. ينظر: اللسان ( صرف ).
(2) في ب: " وشبهه ".
(3) تعريف المصنِّف للتصريف هنا مطابق لتعريفه له في التسهيل، فلا فرق بينهما إلاَّ تقديمه لكلمة " زيادة " على " أصالة " كما هنا، وفي التسهيل عكس ذلك. ينظر: التسهيل ص 290.
وما ذكره المصنِّف هو أحد التعريفات الاصطلاحية للتصريف. ومن العلماء مَنْ يُعَرِّفه بأنَّه علمٌ بأصولٍ تُعْرَف بها أحوال أبنية الكلمة التي ليست بإعراب. شرح الشافية للرضي 1/1، وعنوان الظرف في علم الصرف ص 4 ودروس التصريف لمحمد محي الدين ص 4
وعرَّفه بعضهم بأنَّه تحويل الأصل الواحد إلى أمثلة مختلفة لمعانٍ مقصودة
لا تحصل إلاَّ بها. مختصر التصريف العربي ص 24
وينظر: فتح اللطيف شرح حديقة التصريف ص 8، وشذا العرف في فن الصرف ص 19، وفي علم الصرف للدكتور أمين على السيد ص 5، وتصريف الأفعال والأسماء للدكتور محمد سالم محيسن ص 15.
(4) زاد في التسهيل ص 290: " المتصرفة "، وهذه الزيادة لازمة لأنَّ الأفعال الجامدة لا يدخلها التصريف كما لا يدخل الحروف والأسماء المبنية. وقد أشار المصنِّف إلى ذلك في الخلاصة بقوله:

حرف وشبهه من الصرف بري وما سواهما بتصريفٍ حري

وقال ابن عصفور في الممتع 1/35: ( اعلم أنَّ التصريف لا يدخل في أربعة أشياء وهي: الأسماء الأعجمية التي عجمتها شخصية كإسماعيل ونحوه، لأنَّها نقلت من لغة قوم ليس حكمها كحكم هذه اللغة، والأصوات ك " عاق " ونحوه ؛ لأنَّها حكاية ما يصوت به وليس لها أصل معلوم، والحروف وما شُبِّهَ بها من الأسماء المتوغلة في البناء من نحو " من وما "؛ لأنَّها - لافتقارها - بمنزلة جزء من الكلمة التي تدخل عليها... الخ).



ص -59- [المجرد]
وكُلُّ ما ليس بعض حروفه زائداً من "القبيلين"1 يُسَمَّى مجرَّداً2.
ولا يتجاوز المجرَّد خمسة أحرف إن كان اسماً3، ولا أربعة أحرف إنْ كان فعلاً4 ولا ينقصان في الوضع عن ثلاثة أحرف: حرف مبدوء به، وحرف موقوف عليه، وحرف مفصول / (2-أ) به بينهما 5.
[أوزان الاسم المجرَّد الثلاثي]
فالاسم المجرَّد الثلاثي مفتوح الأول أو مكسوره أو مضمومه. والمفتوح الأول إمَّا ساكن الثاني نحو: كَعْب، وصَعْب. وإمَّا مفتوح الثاني نحو: رَسَن 6، و حَسَن. وإمَّا مكسور الثاني نحو: نَمِر، وحَذِر. وإمَّا

ــــــــــــــــ
(1) في ب: " القبلين ".
(2) قال في التسهيل ص 290: " وما ليس بعض حروفه زائداً سُمِّيَ مجرّداً".
(3) قالوا: " لأنَّه لو كان سداسياً لكان ثقيلاً أولاً، ولتوهم أنَّه مكون من كلمتين ثلاثيتين ثانياً ". ينظر: تصريف الأسماء للطنطاوي ص 11.
وتقسيم الاسم المجرد إلى ثلاثي ورباعي وخماسي هو رأي سيبويه وجمهور البصريين، أمَّا الكسائي والفراء وجمهور الكوفيين فإنَّهم يرون أنَّه ثلاثي وما عداه زائد بحرف أو حرفين. ينظر الكتاب 4/242 وما بعدها، والارتشاف 1/28، وشرح الكافية 1/47.
(4)قالوا: للمحافظة على الاعتدال بينه وبين الاسم حيث إنَّ الفعل أثقل من الاسم لدلالته على الحدث والزمان والفاعل، فلو ضم إلى ذلك جعله خماسياً لتجاوز الاسم. أو لأنَّه يلحقه من الضمائر ما يصير به كالكلمة الواحدة.
ينظر: شرح مختصر التصريف للعزي ص 28، وشرح الشافية للرضي 1/9، والمغني في تصريف الأفعال ص 89
(5) إنَّما احتاجوا للحرف الفاصل ؛ لأنَّ المبدوء به يجب تحريكه، والموقوف عليه يجب تسكينه، فاحتاجوا للراحة بين المتضادين.
(6) الرَّسَن هو الزمام الذي يوضع على أنف الفرس أو الناقة. اللسان (رسن)



ص -60- مضموم الثاني نحو: سَبُع، وطَمُع1.
والمكسور الأول: إمَّا ساكن الثاني نحو: ظِلْف2 و جِلْف3. وإمَّا مفتوح الثاني نحو: إِرَم4وزِيَم5 وإمَّا مكسور الثاني نحو: إبِل 6 وبِلِز 7. والمضموم الأول إمَّا ساكن الثاني نحو: بُرٍّ ومُرٍّ. وإمَّا مفتوح الثاني نحو: نُغَر 8وغُدَر 9 وإمَّا مضموم الثاني نحو: طُنُب10 و جُنُب.
فهذه عشرة أبنية، أقلها استعمالاً المكسور الأول والثاني.

ــــــــــــــــ
(1) يقال: رجُلٌ طَمُعٌ، إذا كان حريصاً على الشيء راجياً له. اللسان ( طمع ). ويلاحظ هنا أنَّ المصنِّفَ ذكر لكل حالة مثالين، فالأول للاسم، والثاني للصفة.
(2) الظِّلف: ظفر ما اجتر من الحيوان. اللسان ( ظلف ).
(3) الجلف: الجافي خَلْقُه وخُلُقه. اللسان ( جلف ).
(4) الإرم: حجارة تُنْصَب عَلَماً في المفازة، وهي في قوله تعالى: ( إِرَم ذات العِمَاد (. إمَّا اسم قبيلة، وإمَّا امرأة، وإمَّا بلدة. ينظر:الصحاح ( إرم).
(5) الزيم: المتفرق، واسم فرس. اللسان ( زيم ).
(6) لم يحفظ سيبويه غير هذه اللفظة. ينظر الكتاب 4/244
(7) البلز: المرأة الضخمة. وهذه اللفظة من زيادات الأخفش الذي رواها بالتخفيف أمَّا سيبويه فقد رواها بالتشديد. وزاد غير الأخفش أمثلة أخرى منها: حِبِر لصفرة الأسنان، وإِطِل، وإِبِط، وإِقِط، ووِتِد، وإِثِر لغات في الأِطِل والإِبِط والأقط، والوَتَد، والأثر، وكذلك الإِبِد في الأَبد، وبلص لطائر، ورجل خِطِب ونِكِح.
ينظر: ليس من كلام العرب ص 13، وشرح الشافية للرضي 1/46، والممتع 1/62، والارتشاف 1/32، والأشموني 4/140
(8)النُّغَر: طائر كالعصفور أحمر المنقار. الصحاح ( نغر ).
(9)الغُدَر: كثير ترك الوفاء، وأكثر ما يستعمل في النداء. اللسان والصحاح ( غدر ).
(10)الطُّنُب: حبل الخباء، وهو أيضاً عرق الشجر وعصب الجسد.الصحاح (طنب).



ص -61- وأهملوا مكسور الأول مضموم الثاني؛ لأنَّ الكسرة ثقيلة، والضمة أثقل منها، فكرهوا الانتقال من مستثقل إلى أثقل منه 1،
وليس كذلك الانتقال من ضمة إلى كسرة ؛ لأنَّه تخلُّص من زيادة
الثقل، ولذلك لم يهملوا " فُعِل ": بل خصوه بالفعل الذي لم يُسَمّ فاعله 2. ثُمَّ نبَّهوا على أنَّ اطراحه في الأسماء ليس لمانع فيه بقولهم: " دُئِل " - لدويبة - 3 و " وُعِل " - في الوَعِل - 4،و " رُئِم " - للسه 5 - إلاَّ أنَّ أكثر النحويين لم يَعْتَدُّوا بهذا البناء في

ــــــــــــــــ
(1)وردت على هذا الوزن كلمة ( الحِبُك ) في قراءة أبي مالك الغفاري. قال ابن جني في المحتسب 2/287: " وأمَّا الحِبُك - بكسر الحاء وضم الباء - فأحسبه سهواً. وذلك أنَّه ليس في كلامهم " فِعُل " بكسر الفاء وضم العين، وهو المثال الثاني عشر من تركيب الثلاثي، فإنَّه ليس في اسم ولا فعل أصلاً البتة، أو لعلَّ الذي قرأ به تداخلت عليه القراءتان: بالكسر: الحِبِك، والضم: الحُبُك.
وذكر ابن مالك في شرح الكافية الشافية 4/2021 توجيه ابن جني، ثُمَّ قال: " وهذا التوجيه لو اعترف به من عُزيت القراءة إليه، لدل على عدم الضبط ورداءة التلاوة، ومَنْ هذا شأنه لم يعتمد عليه.. "
وينظر: المفتاح في الصرف للجرجاني ص 30، والمنصف 1/20 وشرح الشافية للرضي 1/35، وشرح تصريف ابن مالك لابن إياز ص 6، وأوضح المسالك 3/303
(2)قال سيبويه: " واعلم أنَّه ليس في الأسماء والصفات فُعِل ولا يكون إلاَّ في الفعل ". الكتاب 4/244. وينظر: المقتضب 1/45، والمنصف 1/20، وشرح الكافية الشافية 4/2026
(3)الدُّئِل: دويبة صغيرة تشبه ابن عرس، وبها سُمِّيَت قبيلة أبي الأسود الدؤلي. ينظر: المنصف 1/20، وأدب الكاتب ص 586،والاقتضاب ص272، وشرح الشافية للرضي 1/36.
(4)الوَعِل: تيس الجبل.
(5)السّه: العجز. وينظر كلمة " رُئم " في المنتخب من غريب كلام العرب لكراع النمل 2/566، واللسان ( رأم ) والاقتضاب 272، وشرح الشافية للرضي 1/38، والمزهر 1/6.



ص -62- الأسماء ؛ لعلمهم أنَّه في الأصل مقصود به اختصاص الفعل الذي
لم يُسَمَّ فاعله 1.
واعتَدُّوا بموازن " فِعِل " على قِلَّته ؛ لأنَّه لم يوجد في غير الأسماء، ولأنَّه لا مانع له من نفسه ؛ إذ الكسرتان أقلّ ثقلاً من الضمَّتَيْن،
وذو الضَّمَّتَيْن في الكلام كثير، فذو الكسرتين حقيق بكثرة النظائر، إلاَّ أنَّه قلَّت نظائره اتفاقاً، فلم يَسَع إلاَّ التسليم.
فصل
الرباعي المجرَّد من الأسماء إن كان مفتوح الأول فله وزن واحد:
" فَعْلَل " ك " جَعْفَر، و قَرْهَب " وهو الثور المسن 1.
وإن كان مكسور الأول فله ثلاثة أوزان: ( فِعْلَل ) ك (دِرْهَم، وهِجْرَع ) 2، و ( فِعْلِل ) ك ( هِجْرِس 3، وخِرْمِل ) 4، و(فِعَلّ) ك ( فِطَحْلٍ 5 و قِمَطْرٍ ) 6.

ــــــــــــــــ
(1)ذكر الصرفيون أنَّ الأسماء التي جاءت على هذا الوزن يجوز أن تكون منقولة من الفعل كما هي الحال في: شَمَّر، ويزيد علمين، وتُنُوِّط،وتُبُشِّرَ، وهما طائران.
ينظر: الاقتضاب ص 272، وشرح الشافية للرضي 1/36، وشرح المفصل لابن يعيش 1/30، وشرح تصريف ابن مالك لابن إياز ص 8.
(2)ينظر: المنتخب من غريب كلام العرب 1/153، واللسان ( قرهب ).
(3)هو الطويل المضطرب، والأحمق، والكلب السلوقي الخفيف.
ينظر: المنتخب 1/156، 160، 2/598، والمساعد 4/14
(4)الهجرس: الثعلب أو ولده. المنتخب 1/106، 134
(5)الخِرمِل: الحمقاء الجريئة. المنتخب 1/158، واللسان ( خرمل ).
(6)الفِطَحْل قيل إنَّه زمن قديم لم يخلق الناس فيه. وقيل: زمان كانت الحجارة فيه رطبة. وقيل: زمن خروج نوح عليه السلام من السفينة. ينظر: المنتخب ص 569، والمساعد 4/13.
(7)القِمَطْر العريض والشديد والقصير المتداني الخلق، وما تصان فيه الكتب. ينظر: المنتخب ص 168، 569، والكتاب 4/289، والمنصف 3/3، والأشموني 4/246.



ص -63- وإن كان مضموم الأول فله وزنان: ( فُعْلُل ) ك ( بُرْثنٍ 1، وجُرْشُع ) 2. و ( فُعْلَل ) ك ( بُرْقَع 3، و جُرْشَع ) 4.
ولم يروه 5 سيبويه 6. لكن رواه الأخفش 7 من أئمة البصرة،

ــــــــــــــــ
(1)البرثن: واحد البراثن للسباع كالمخلب. ينظر: المنتخب ص 57، واللسان ( برثن ).
(2)الجُرشُع من الإبل العظيم. وقيل: العظيم الصدر المنتفخه. الصحاح ( جرشع )، وينظر: سيبويه 4/288.
(3)البرقع - بضم القاف وفتحها - خرقة تلبسها المرأة تغطي بها ما قَبَل من رأسها وما دبر غير وسط رأسها. ينظر: المنتخب من غريب كلام العرب 2/471، 511.
(4)ذكر كراع النمل في المنتخب عِدَّة ألفاظ على وزن فُعْلَل وفُعْلُل. انظره ص511، وينظر شرح الملوكي ص 26، والممتع 1/67.
(5)أي الوزن السادس الذي هو ( فُعْلَل ) بضم الفاء وفتح اللام.
(6)هو إمام أهل البصرة أبو بشر عمرو بن عثمان بن قنبر، فارسي الأصل، وُلِدَ بالبيضاء من مدن كورة اصْطخر بفارس، ثُمَّ هاجر إلى البصرة فنشأ بها وطفق يطلب العلم بها، وقد أخذ اللغة العربية عن الخليل بن أحمد والأخفش ويعقوب الضرير وعيسى بن عمر وغيرهم، وكان ذكياً متوقِّد الذِّهن، جيد القريحة، مِمَّا جعله يفوق أقرانه ويكفيه شاهداً على ذلك كتابه الذي لم يُؤَلَّف مثله في فنِّه. توفي سنة 179 ه وقيل 180 ه.
تنظر ترجمته في مقدمة كتابه، تحقيق عبد السلام هارون.
(7) سعيد بن مسعدة المجاشعي الأخفش الأوسط، قرأ النحو على سيبويه، وكان أسنَّ منه، أدَّب ولدي الكسائي واتصل به، ويقال إنَّ الكسائي قرأ عليه كتاب سيبويه سرّاً بعدما جرى له مع سيبويه ما جرى، وأمره أن يضع كتاباً في معاني القرآن فوضع كتابه المعروف، وكان من أبرع أصحاب سيبويه، وله مصنَّفات منها: الأوسط، ومعاني القرآن، والمقاييس، وهو الذي زاد في عروض الخليل بحر المتدارك. توفي سنة 215 ه. تنظر ترجمته في مراتب النحويين ص 111، وأخبار النحويين ص 50، وإنباه الرواة 2/36، ونزهة الألباء ص 107.
وقد نسب له إثبات هذا الوزن في المنصف 1/24، 27، والخصائص 1/67، والمفتاح في الصرف للجرجاني ص 33، والأمالي الشجرية 2/333، وشرح الكافية الشافية 4/2023، بل إنَّه منسوب له في أكثر كتب الصرف.



ص -64- والفرَّاء 1من أئمة الكوفة، وزيادة الثقة مقبولة. وزعم الفراء أنَّ الفتح في جُرشع أكثر من الضم 2. ومِمَّا يؤيد رواية هذين الإمامين قول العرب: ( ما لي من ذلك عُنْدَد ) أي بُدٌّ، فجاءوا به مفكوكاً غير مدغم، ولا يفعلون ذلك بذي مثلين متحركين لا يوازن: فَعَلاً ولا فِعَلاً ولا فُعَلاً، إلاَّ إذا كان أحدهما مزيداً للإلحاق ك ( قُرْدَد)3. أو كان ما قبلهما مزيداً للإلحاق نحو: ( أَلَنْدَد ) بمعنى الألَدّ.
ومعلوم أنَّ ( عُنْدَداً ) ليس موازناً لفَعَل وأخواته 4 / (2 - ب) فيتعين كونه ملحقاً بفُعْلَل، إمَّا بزيادة إحدى الدالين فيكون من العُنُود 5. وإمَّا بزيادة النون قبلها فيكون من الأعداد، وأيضاً إذا ثبت فُعْلَل كان للضمة ثلاثة مواقع في الرباعي، وللكسرة أربعة، وللفتحة خمسة، فتثبت المزية للفتحة بموضع خامس، فلو لم يكن فُعْلَل مثبتاً كان للفتحة أربعة مواقع: فاء فَعْلَل ولامه، وعين فِعَلّ، ولام فِعْلَل الأولى على عدد مواقع الكسرة

ــــــــــــــــ
(1) هو يحي بن زياد الديلمي أبو زكريا الفراء، أخذ عن الكسائي، وكان من أنجب تلامذته، لذلك كان يعد الرجل الثاني في علماء اللغة بالكوفة، له مصنَّفات كثيرة منها معاني القرآن. توفي بطريق مكَّة سنة 207 ه. تنظر ترجمته في: إنباه الرواة 4/1، ومراتب النحويين ص 139.
وتنظر نسبة هذا القول له في شرح ابن إياز لتصريف ابن مالك ص 11، والتصريح2/356، وينسب هذا الرأي لعموم الكوفيين في أكثر الكتب.
(2)قال الأشموني: " وزعم الفرَّاء أنَّ الفتح في جؤذر أكثر ". شرح الألفية 4/247.
(3)القُردَد: الأرض الغليظة الواسعة. ينظر شرح أبنية سيبويه لابن الدهان ص138، والمنصف 3/9.
(4)ينظر الكتاب 4/311، وشرح أبنية سيبويه لابن الدهان ص 40، وأدب الكاتب ص 483.
(5)عَنَدَ الرَّجُلُ يَعْنُد عَنْداً وعُنُوداً وعَنَداً: عتا وطغا وجاوز قدره. اللسان ( عند ).



ص -65- وهن فاء فِعْلِل، ولامها الأولى، وفاء فِعْلَلٍ وفِعَلٍّ. فكان يفوت التنبيه على كون الفتحة أخف في الاستعمال وأحق بسعة المجال 1.
[ أوزان الخماسي المجرَّد ]
وقد نبَّه على ذلك أيضاً في الخماسي المجرَّد، وله أربعة
أوزان: ( فَعَلْلَلٌ ) بفتح الأول والثاني والرابع،ك ( سَفَرْجَل 2، وهَمَرْجَلٍ ) 3. و ( فَعْلَلِل ) بفتح الأول والثالث ك ( قَهْبَلٍس 4، وجَحْمَرِشٍ ) 5.
و ( فِعْلَلٌ ) بكسر الأول وفتح الثالث ك ( قِرْطَعبٍ 6،وجِرْدَحْلٍ)7

ــــــــــــــــ
(1)لقد رجَّح ابن مالك هنا، وفي كتابيه: الكافية الشافية، والألفية، قول الأخفش والكوفيين بأصالة هذا الوزن. وذكر في التسهيل أنَّ المختار تفريعه على ( فُعْلُل ). ينظر: شرح الكافية الشافية 4/2022، والتسهيل ص 291 والتصريح 2/356، وشرح الألفية للأشموني 4/247. وينظر تفصيل هذه المسألة وحجج كُلّ فريق في تصريف الأسماء للشيخ محمد الطنطاوي ص 23 وما بعدها. (2) السَّفَرْجَل: نبت معروف يكثر في بلاد العرب. اللسان ( سفرجل ).
(3)الهَمَرْجَل السريع، والجمل الضخم، ويرى بعض العلماء أنَّ حروفه أصول كلها. وقيل: إنَّ اللام زائدة. وقيل: الميم زائدة. وقيل بزيادتهما معاً. وقيل: بزيادة الهاء. ينظر: الكتاب 4/301، وشرح أمثلة سيبويه للعطار ص 173، وشرحها لابن الدهان ص 193، والممتع 1/7، واللسان ( همرجل )، والمزهر 2/31
(4)القَهْبَلس: المرأة العظيمة، والعجوز الكبيرة، والكمرة الضخمة. شرح أبنية سيبويه لابن الدهان ص 145، وشرحها للعطار ص 154، والمفتاح في الصرف ص 33، والممتع 1/70.
(5)الجَحْمَرِش: العجوز الكبيرة والأفعى العظيمة. مختصر شرح أمثلة سيبويه للجواليقي ص 73، وشرحها لابن الدهان ص61، والتصريح 2/356.
(6)القِرْطَعْب: دابة. ويقال: ما عنده قرطعب، أي شيء. مختصر شرح أمثلة سيبويه للجواليقي ص 73، وشرحها لابن الدهان ص 144،155.
(7)الجردحل: البعير العظيم الشديد الضخم. مختصر شرح أمثلة سيبويه للجواليقي ص 73، والمنصف 3/5.



ص -66- و ( فُعَلِلٌ ) بضم الأول وفتح الثاني وكسر الرابع، ك ( قُذَعْمِلٍ 1، وخُبَعْثِن ) 2. فهذه عشرون مثالاً للمجرَّد من الأسماء 3.
وقد يُنتصر لسيبويه - رحمه الله - في إلغائه ( فُعْلَلاً ) بأن يقال: سَلَّمنا صحة نقله عن العرب، إلاَّ أنَّه فرع على ( فُعْلُلٍ ) ؛ لأنَّ كل
ما نُقٍل فيه الفتح نُقِل فيه الضم، ولا ينعكس 4.
فلو كان ( فُعْلَلٌ ) أصلاً كغيره من الرباعي، لجاز أن ينفرد عن فُعْلُلٍ. فعلم بذلك أنَّ فتح ما فتح لم يكن إلاَّ فراراً من توالي الضمَّتين ليس بينهما إلاَّ ساكن، وهو حاجز غير منيع، فكان عدولهم عن (فُعْلُلٍ) إلى (فُعْلَلٍ) شبيهاً بعدولهم في جمع"جديد" ونحوه من " فُعُلٍ " إلى " فُعَلٍ " تخلُّصاً من توالي الضمَّتين. وكان مقتضى الدليل أن يفروا إلى السكون، إلاَّ أنَّه منع منه في ( فُعْلُل ) خوف التقاء الساكنين.
وفي " جُدُدٍ " ونحوه خوف إدغام اسم لا يشبه الفعل فلجئ إلى شبيه السكون في الخفة وهو الفتح.

ــــــــــــــــ
(1)القُذَعْمل: الشيء الحقير والفقير الذي لا يملك شيئاً. شرح أبنية سيبويه لابن الدهان ص 138، والممتع 1/70
(2)الخُبَعْثِن: الشديد الخلق، العظيم من الرجال، والأسود. مختصر شرح أمثلة سيبويه للجواليقي ص 92، وشرحها لابن الدهان ص 78، والتهذيب 3/366
(3)عشرة للثلاثي، وستة للرباعي، وأربعة للخماسي.
(4)ذكر المصنف فيما تقدَّم في ص 24 ما يقوي رأي الأخفش من إثبات هذا الوزن. وذكر هنا ما يرجح رأي سيبويه من كونه فرعاً على( فُعْلُل)وعلى ذلك يكون القولان متكافئين.



ص -67- فصل: [ أوزان الثلاثي المجرَّد من الأفعال ]
وأمَّا المجرَّد من الأفعال فللثلاثي منه ثلاثة أوزان: 1 " فَعَلَ " مفتوح العين كَضَرَبَ، و " فَعِل " مكسور العين ( كشَرِب، و" فَعُل " مضموم العين كَقَرُبَ 2.
فمضارع الأول مكسور العين ) 3 أو مضمومها نحو: يَضْرِب، ويَكْتُب، ولا تفتح إلاَّ وهي أو لامه حرف حلق 4. نحو: " يَسْأَل، وَيَقْرَأ "، وقد لا تفتح مع كونها أو كون اللام حرف حلق، نحو:
" يَنْحِت 5 ويَمْنَح 6، ويلغب 7، ويَبْلُغ 8.

ــــــــــــــــ
(1)هذا هو مذهب أكثر النحاة، وينسب إلى المبرد وآخرين القول بأنَّها أربعة بزيادة (فُعِل) بضم الفاء وكسر العين. والجمهور يرون أنَّ هذه الصيغة متفرعة عن بناء الفعل المبني لنائب الفاعل. ينظر: شرح ابن إياز على تصريف ابن مالك ص 19، وشرح الملوكي ص 30، وشرح المفصل لابن يعيش 7/71، 152، أوضح المسالك 4/322
(2)جمع الناظم أوزان المجرَّد من الأفعال بقوله في لامية الأفعال:

بفَعْلَل الفعل ذو التجريد أو فَعُلاَ يأتي ومكسور عين أو على فَعَلاَ

(3)ما بين الأقواس ساقط من (ب).
(4)قال المصنِّف في لامية الأفعال:

في غير هذا لذي الحلقى فتحا أشع بالاتفاق كآت صيغ من سألا

إن لم يضاعف ولم يشهر بكسرة أو ضم كيبغي وما صرفت من دخلا

(5)النحت لغة: النشر والقطع والقشر، وقد ورد في مضارعه فتح العين وكسرها. ينظر اللسان ( نحت ).
(6)قال في اللسان: منح " مَنحه الشاة والناقَةَ يَمْنَحُه ويَمْنِحُه أعاره إيَّاها، الفراء مَنَحْتُه أمْنَحُه وأمْنِحُه من باب يَفْعَل ويَفْعِل ".
(7)اللُّغُوب: التعب والإعياء. قال في اللسان ( لغب ): " لَغَبَ يَلْغُب بالضم لُغُوباً ولَغَباً. ولَغِبَ بالكسر لغة ضعيفة، أعيا أشد الإعياء ".
(8)بَلَغَ الشيء يَبْلُغ بلوغاً وبلاغاً وصل وانتهى ". السان ( بلغ ).



ص -68- وشذ الفتح في مضارع " أبَى " 1 وليس حرف الحلق إلاَّ فاؤه، ومضارع " فَعِل " مفتوح العين نحو: " شَرِبَ يَشْرَبُ "، وجاء
بفتح وكسر مضارعُ: " حَسِبَ 2، و: نَعِمَ 3، و: بَئِسَ 4،
و: يَئِسَ 5، و: يَبِسَ 6، و: وَغِرَ 7، و: وَحِرَ 8، و: وَلِهَ 9 و: وَهِلَ " 10.

ــــــــــــــــ
(1)ينظر الكتاب 4/105، والمفتاح في الصرف للجرجاني ص 37، والأفعال لابن القطاع 1/11، ونزهة الطرف في علم الصرف ص100، وشرح الشافية للرضي 1/123.
(2)حَسِبَ: أي ظنَّ، مضارعه: يَحْسَبُ، على القياس، ويَحْسِب شاذ.
(3)نَعِمَ حاله إذا طاب ولان واتسع، تفتح عين مضارعه قياساً وتكسر شذوذاً.
(4)بَئِسَ يَبْأَس بالفتح على القياس، ويَبْئِس بالكسر شذوذاً، أي ضاق حاله وافتقر.
(5)يَئِسَ يَيْأَس بالفتح على القياس، وبه قرأ جميع القُرَّاء قوله تعالى: {وَلاَ تَيْأَسُوا مِن روحِ الله }، وقوله: { إنَّه لا يَيْأَس من روحِ الله إلاَّ القوم الكافرون}
ويَيْئِس بالكسر شاذ، ومعناه: قنط وانقطع رجاؤه.
(6)يَبِسَ يَيْبَس بالفتح على القياس، ويَيْبِس بالكسر شذوذاً أي جفَّ.
(7)وَغِرَ صدره يَوْغَر بالفتح ويَوْغِر بالكسر: امتلأ حقداً وتوقَّد غيظاً.
(8)وَحِرَ يَوْحَر بالفتح ويَوْحِر بالكسر: إذا اشتد غضبه.
(9)وَلِهَ يَوْلَه بالفتح، ويَوْلِه بالكسر: حزن حزناً شديداً أذهب عقله.
(10)وَهِلَ يَوْهَل ويَوْهِل فزع، وكذلك عن الشيء نسيه.
والفتح على القياس، والكسر على الشذوذ.
وجمع المصنِّف هذه الأفعال بقوله في لامية الأفعال:

وجهان فيه من أحْسِب مَع وَغِرَت وحِرْت أنعم بَئِسَت يَئِسَت أوله يبس وهلا

فهذه تسعة أفعال يجوز فيها فتح عين المضارع على القياس وورد فيها كسرها شذوذاً. وذكر صاحب مناهل الرجال ومراضع الأطفال بلبَان معاني لامية الأفعال أربعة أفعال أخرى تفتح عين مضارعها وتكسروهي:
وَلِغَ الكلبُ يَوْلَغ ويَوْلِغُ إذا شرب بأطراف لسانه، أو أدخل فيه لسانه وحرَّكه.
= و: وَبِقَ يَوْبَقُ ويَوْبِقُ إذا هلك.



ص -69- وبِكَسْرٍ وَحْدَهُ مضارع: " وَرِثَ "، و " وَلِيَ " 1، و " وَرِعَ " 2، و " وَثِقَ " 3، و " وَمِقَ " 4، و " وَفِقَ " 5، و " وَرِمَ " 6، و" وَرِيَ المخ "، أي اكتنز 7.
و: وَحَمِت المرأةُ تَوْحَمْ وتَوْحِم وَحماً إذا حبلت واشتدت شهوتها لبعض
المأكل.
و: وَزِعَ يَوْزَعُ وَيَوْزِعُ بالفتح والكسر ومعناه كَفّ ومنع.
ينظر الكتاب 4/54، وشرح الشافية للرضي 1/136، ومناهل الرجال ص 35، والمفتاح في الصرف ص 37، والأفعال لابن القطاع 1/12، ونزهة الطرف ص 103، وشرح الملوكي ص 42، والمزهر 2/37، ودروس التصريف لمحمد محي الدين ص 94

ــــــــــــــــ
(1)ولي فلاناً يليه ولياً: دنا وقرب منه، وولي الشيء وعليه يَلِي بالكسر أيضاً إذا قام به وملك أمره، وولي الرجل إذا نصره، وولي البلد إذا سلط عليه. ينظر القاموس (الولي )، ومناهل الرجال ومراضع الأطفال ص 35
(2)وَرِعَ يَرِع بالكسر وَرَاعة إذا كفّ عنه.
أمَّا وَرِعَ عن المعاصي والشبهات ورعاً ووروعاً فهو بالوجهين: الكسر والفتح. ينظر الكتاب 4/54، وشرح الشافية للرضي 1/136، والتسهيل ص 195، وشرح التسهيل لابن مالك 3/438، والمساعد 2/588،ومناهل الرجال ص 35
(3)وَثِقَ به قوى اعتماده عليه وائتمنه. ينظر الصحاح ( وثق )، ومنهل الرجال ص 36
(4)وَمِقَ يَمِقُ مِقَةً ووَمْقاً أحب. ينظر الصحاح ( ومق ).
(5)وَفِقَ: يقال: وَفِقْتَ أَمْرَك تَفِقُه أي صادفته مُوَافِقاً. الصحاح ( وفق ).
(6)وَرِمَ العضو يَرِم: دخله الوَرَم. ينظر القاموس ( ورم ).
(7)وَرِيَ المخ اكتنَز واشتدَّ وامتلأ وهو من علامات السمن.
اقتصر ابن مالك في التسهيل ولامية الأفعال على هذه الأفعال الثمانية، ولكن بعض العلماء أوصلها إلى عشرين فعلاً. ينظر مناهل الرجال ومراضع الأطفال بلبان لامية الأفعال ص 35-36، ودروس التصريف لمحمد محي الدين ص 93، والمغني في تصريف الأفعال ص 154.



ص -70- [ أوزان أسماء الفاعلين والمفعولين والمصادر من الثلاثي ]
واسم الفاعل من " فَعَل " متعدياً كان أو لازماً، ومن فَعِل المتعدى على وزن " فاعل " 1، نحو " ضَارِب، وذَاهِب، وشَارِب.
واسم الفعول منهما على وزن " مَفْعُول " 2 / (3-أ) نحو: مَضْرُوب ومَشْرُوب.
والمصدر المقيس من متعديهما على وزن فَعْل 3، ك " أكَلَ أَكْلاً "، و " قَضَمَ قَضْماً ".
ومن " فَعَل " اللازم " غير المفهم صوتاً أو غير صوت " 4، على وزن " فُعُول " نحو: جَلَسَ جُلُوساً 5.
ومن " فَعِل " اللازم على " فَعَل " 6.
واسم الفاعل على " فَعِل " أو " أَفْعَل " أو " فَعْلاَن " 7، نحو: فَرِحَ فَرَحاً فهو فَرِح، وعَرِج عَرَجاً فهو أَعْرَج، وغَضِبَ غَضَباً فهو غَضْبَان.

ــــــــــــــــ
(1)قال المصنِّف في الخلاصة:

كفاعل صُغ اسم فاعل إذا مِنْ ذِي ثلاثة يكون كغذا

وهو قليل في فَعُلَت وفَعِل غير معدّى بَلْ قياسه فَعِل

(2)وقال أيضاً في الخلاصة:

وفي اسم مفعول الثلاثي اطرد زنة مفعول كآتٍ مِنْ قَصَد

(3)وقال أيضاً:

فَعْلٌ قياس مصدر المعدّى من ذي ثلاثة كرَدَّ رَدَّاً

(4)ما بين الأقواس " " ساقط من أ.
(5)قال في الخلاصة:

وفَعَل اللازم مثل قَعَدا له فُعُول باطراد كأبى

ما لم يكن مستوجباً فِعَالا أو فَعَلاَن - فادرِ - أو فُعَالا

(6)وقال أيضاً في الخلاصة:

وفَعِل اللازم بابه فَعَل كفَرَح وكجَوَى وكَشَلَل

(7)وقال أيضاً في الخلاصة:

وهو قليل في فَعُلْت وفَعِل غير معدى بل قياسه فَعِل

وأفْعَلٌ فَعْلاَن نحو أشِر ونحو صَدْيَان ونحو الأجْهر



ص -71- [ وزن اسم المرة واسم الهيئة ]
والمرَّة من الثلاثي كله على وزن " فَعْلَة ".
والهيئة على وزن " فِعْلَة "، نحو: الجَلْسَةَ، والجِلْسَة 1، والأَمَّة، والإِمَّة 2.
وأمَّا " فَعُل " المضموم العين فمضارعه على وزن " يَفْعُل "، ومصدره المقيس على وزن فَعَالَة أو فَعُولَة 3، واسم فاعله على وزن فَعِيل 4، أو فَعْل 5، نحو: نَظُفَ يَنْظُفُ نَظَافَةً فهو نظِيف، وسَهُلَ سُهُولَة فهو سَهْل، وإذا قصد باسم فاعل الفعل الثلاثي الحدوث جاء على فاعل: "بكل"6 حال كقولك: زيد شاجع اليوم فازع غداً 7، كما قال الشاعر 8:

وما أنا من رُزْءٍ وإن جَلَّ جَازِعٌ ولا بسرُورٍ بعد مَوْتِك فَارِحُ

ــــــــــــــــ
(1)قال في الخلاصة:

وفَعْلَة لمرَّة كَجَلْسَة وفِعْلَة لهيئة كجِلْسَة

(2)الأمَّة بالفتح: اسم مرَّة من أمَّه بمعنى قصده. والإمَّة بمعنى الحالة والشرعة والنعمة والهيئة وغضارة العيش. ينظر القاموس واللسان ( أمَّه ).
(3)قال في الخلاصة:

فُعُولة فَعَالَة لِفَعُلاَ كَسَهُلَ الأمر وزيد جَذُلاَ

(4)في " أ ": " وزن فعيلا ". وهو خطأ من الناسخ.
(5)وقال في الخلاصة أيضاً:

وفَعْلٌ أولى وفَعِيل بِفَعُل كالضخم والجميل والفِعْل جَمُل

وأفْعَلٌ فيه قليل وفَعَل وفي سوى الفاعل قد يغْنِي فَعَل

(6)في " أ ": " على كل ".
(7)قال في التسهيل: " وإذا قصد استقبال المصوغة من ثلاثي على غير فاعل رُدَّت إليه ". ينظر: المساعد 2/221، وبحرق على اللامية ص 70
(8)هو أبو الوليد أشجع بن عمرو بن الشريد بن مطرود السلمي. أحد الشعراء الفحول في العصر العباسي، مدح البرامكة وانقطع إلى جعفر فأوصله إلى الرشيد فمدحه وأعجب به. والبيت الشاهد من أبيات له يرثي بها أبا سعيد، وهي في شرح الحماسة للتبريزي ص35، وشرحها للمزوقي 2/858، وينظر الشعر والشعراء ص 857، والأغاني 17/30-51.



ص -72- فصل: [ في حركة حرف المضارعة ]
حرف المضارعة من غير الرباعي مفتوح ويكسره غير الحجازيين إنْ لم يكن ياءً، بشرط كون الماضي على وزن فَعِل نحو " يتَعَلَّم، أو
ذا همزة وصل نحو: تِنْطَلِق، أو ذا تاء مزيدة في أوله نحو: تِتْعَلَّم، وقد تشارك " الياء " 1 أخواتها في الكسر إنْ كان الفعل على وزن
" فَعِل " وأوله واو نحو: وَجِل يَيْجَل.
وفعلوا ذلك أيضاً بمضارع " أبى " فقالوا: يِيْبَى ويِئْبَى 2.
فصل
للفعل الرباعي المجرد من الأوزان " فَعْلَل " نحو: دَحْرَج، وأول مضارعه مضموم وما قبل آخره مكسور نحو: " يُدَحْرِج، ومصدره على

ــــــــــــــــ
(1)في ب: " التاء ".
(2)قال سيبويه: " وإنما كسروا هذه الأوائل ؛ لأنَّهم أرادوا أن تكون أوائلها كثواني فَعِل كما ألزموا الفتح ما كان ثانيه مفتوحاً في فَعَل، وكان البناء عندهم على هذا أن يجروا أوائلها على ثواني فَعِل منها ". الكتاب 4/110
وقال الرضي: " وإنَّما كسرت حروف المضارعة تنبيهاً على كسر عين الماضي ولم يكسر الفاء لهذا المعنى ؛ لأنَّ أصله في المضارع السكون، ولم يكسر العين لئلا يلتبس يَفْعَل المفتوح بِيَفْعِل المكسور، فلم يبق إلاَّ كسر حروف المضارعة ".شرح الشافية 1/141
وينظر: مجالس ثعلب ص 281، وتأويل مشكل القرآن ص 39، والصاحبي ص 34، وكتاب الشعر ص 192، والخصائص 2/11، والأمالي الشجرية 1/170، واللهجات في كتاب سيبويه ص 162، والمغني في تصريف الأفعال ص 138.



ص -73- " فَعْلَلَة وفِعْلاَل " 1، نحو: دَحْرَجَةً ودِحْرَاجاً، ويشاركه في ضم الأول وكسر ما قبل الآخر مضارعُ الرباعي بزيادةٍ نحو: عَلَّمَ يُعَلِّم، وأنْعَمَ يُنْعِم، وسَالَمَ يُسَالِم.
وكذا يكسر ما قبل آخِر مضارع الخماسي والسداسي، نحو: انطلق ينطَلِق، واسْتَخْرَجَ يَسْتَخْرِجُ.
والأصل فتح حرف المضارعة مطلقاً ؛ لأنَّه حرف مبدوء به فلابدَّ من تحريكه والفتحة أخف الحركات فهي أولى 2، فاستعمل غير الرباعي على الأصل وتُرِك الفتح في الرباعي لئلا يلتبس مضارع أفعل بمضارع الثلاثي المكسور العين، ولئلا يلتبس ذو التاء من مضارع " فعلل وفاعل وفَعَّل " المعتلة اللامات بالمصدر، ألا ترى أنَّه لو قيل في مضارع اضرب عن الشيء يَضْرِب لكان كمضارع ضَرَبَ.
ولو قيل في مضارع قوقى 3: تقوقى، وفي مضارع والى: تَوَالى،

ــــــــــــــــ
(1)المقيس المطرد فيه عند الجمهور هو: فَعْلَلَة، أمَّا فِعْلاَل فسماعي.
وقال بعضهم: إنَّ الوزنين مَقِيسان، وقد ذكر الناظم الراجح فقال:

فِعْلاَل أو فَعْلَلَةٌ لِفَعْلَلاَ واجْعَلْ مَقِيساً ثانياً لا أوَّلا

وينظر شرح الشافية للرضي 1/78، والأشموني 2/214، ومناهل الرجال بلبان معاني لامية الأفعال ص 206، وحاشية الرفاعي على شرح بحرق للامية ص 59 وما بعدها.
(2)ينظر مناهل الرجال ومراضع الأطفال بلبان معاني لامية الأفعال ص 112 وما بعدها، والارتشاف 1/182، وشرح العزى ص 60، والمغني في تصريف الأفعال ص 136، وشرح لامية الأفعال ص 59، والأشباه والنظائر 1/107
(3)قوقت الدجاجة تقوقى قِيْقَاء، وقَوْقَاة صوتت. الصحاح، واللسان ( قوا )، والمنصف 3/27.



ص -74- وفي مضارع زكَّى تَزَكَّى لكان اللفظ " بها " 1 كاللفظ بالمصدر فَعُدِل عن الفتح ؛ لذلك.
فإنْ كان أول الماضي تاءً مزيدة فُتِحَ ما قبل آخر مضارعه نحو: تَعَلَّم يَتَعَلَّم ؛ لأنَّه لو كسر كما فُعِلَ بغيره لزم من ذلك التباس المصدر حينئذٍ 2 بالمضارع ذي التاء إذا حذف إحدى تاءيه تخفيفاً وكان معتل اللام، ألا ترى أن تتزكى لو كان ما قبل آخره مكسوراً ثُمَّ خُفِّفَ بحذف إحدى التاءين / (3-ب) كما خفف تَتَنَزَّل فقيل: تَنَزَّل لقيل فيه تَزَكِّى فيكون بلفظ المصدر، فوجب ترك ما أدى إلى ذلك 3.
وتُجْعَل موضعَ حرف المضارعة من غير الثلاثي ميمٌ مضمومةٌ، فيكون اسم فاعل إنْ كُسِرَ ما قبل آخره، نحو: مُكْرِم، ومُسْتَخْرِج، وإن فتح ما قبل آخره كان اسم مفعول نحو: مُكْرَم، ومُسْتَخْرَج 4.
والمصدر من أَفْعَل على إفْعَال، نحو: أكْرَم إكْرَاماً، ومن " فَعَّل " على تَفْعِيل وتَفْعِلَة وفِعَّال، نحو: ذَكَّرَ تَذْكِيراً وتَذْكِرَة، وكَذَّبَ كِذَّاباً.
ومِنْ " فَاعَل " على مُفَاعَلةٍ، وفِعَالٍ، وفِيْعَال، نحو: قَاتَلَ مُقَاتَلةً،

ــــــــــــــــ
(1)في ب: " اللفظ بهما ".
(2)كلمة: " حينئذٍ " ساقطة من ب.
(3)ينظر شرح الشافية للرضي 1/140، ومناهل الرجال ص 107، وما بعدها، وحاشية الرفاعي على شرح بحرق للامية الأفعال ص 59.
(4)قال في لامية الأفعال:
وباسم فاعل غير ذي الثلاثة جئ وزن المضارع لكن أولاً جُعِلاَ
ميم تضم وإن ما قبل آخره فتحت صار اسم مفعول، وقد حصلا
ينظر: مناهل الرجال ص 152، وحاشية الرفاعي على شرح بحرق ص70.



ص -75- وقِتَالاً، وقيْتَالاً 1.
ومِمَّا أوله همزة وصل بكسر ثالثه وزيادة ألف قبل آخره نحو: اقْتَدَرَ اقْتِدَاراً، واسْتَخْرَجَ اسْتِخْرَاجاً 2.
ومِمَّا أوَّل ماضيه تاء مزيدة بضم رابعه نحو: تَدَحْرَج تَدَحْرُجاً، وتدَارَكَ تَدَارُكاً 3.
[ فيما خرج عن أوزان المجرَّد المشهورة ]
ما خرج عن الأوزان المذكورة للمجرَّد من الأسماء والأفعال
فهو وزن شاذ، أو مزيد فيه، أو محذوف منه، أو شبه الحرف،
أو أعجمي، أو فعل صيغ للمفعول، أو الأمر ك " الدُّئِل 4 "،

ــــــــــــــــ
(1)ينظر في " مصادر " ما زادَ على الثلاثة: شرح التسهيل لابن مالك 4/472، والمساعد 2/625، وما بعدها، ومناهل الرجال ص 206، وحاشية الرفاعي على بحرق ص 79.
(2) قال في الخلاصة:

وما يلي الآخر مُدَّ وافتحا مع كسر تلو الثاني مِمَّا افتتحا

بهمز وصل كاصطفى... ...
وقال في اللامية:

بكسر ثالث همز الوصل مَصْدَر فعْل حازه مع مَدِّ ما الأخير تلا

(3)قال في الخلاصة:

... ... ... وضُمَّ ما يَرْبَعُ في أمثال قد تلملما

وقال في اللامية:

واضممه من فعل التا زيد أوله واكسره سابق حرف يقبل العللا

وينظر في هذه المصادر: أوضح المسالك 2/262، والأشموني 2/312، ومناهل الرجال بلبان معاني لامية الأفعال ص 201 - 203
(4)تقدَّم الكلام عليها في ص 59 في المتن والحاشية.



ص -76- والطَّحرِبة - وهو الملبوس الحقير - 1. حكاه أبو عبيدة 2
عن أبي الجراح 3. بفتح الطَّاء وكسر الراء، وهو نادر، والمشهور كسرهما وفتحهما وضمهما.
وحكى يعقوب 4: لقيت منه الفُتَكْرِين، أي الدَّواهي 5. بضم الفاء

ــــــــــــــــ
(1)في المنتخب لكراع النمل ص 352: " وما عليه طُحْرُبة يعني من اللباس وما عليه طَحْرَبة وطِحْرِبة، يعني من الحلي ". وفي ص 542 منه: " ويقال ما عليه طُحْرَبة وطَحْرَبة وطِحْرِبة وطِحْرِمة - بالميم - أي خرقة. أربع لغات ".
ويلاحظ هنا أنَّ كراع النمل لم يذكر رواية فتح الطاء وكسر الراء ولكن ابن منظور ذكر هذه اللغة في اللسان ونسبها لأبي الجراح. ينظر: اللسان ( طحرب ). وينظر: الأشموني 4/248، والممتع 1/67
(2)هو معمر بن المثنى التيمي تيم قريش مولاهم، كان من أوسع الناس علماً بأخبار العرب وأيامها، إمام في اللغة، عارف بغريبها، أخذ عن كثيرٍ من أئمة اللغة والنحو أمثال أبي عمرو بن العلاء (ت154)، وأبي الخطاب الأخفش (ت149)، وعيسى بن عمر الثقفي (ت154)، وغيرهم. ألَّف كتباً كثيرة قاربت المائتين من أشهرها كتاب مجاز القرآن، وغريب الحديث، توفي سنة 220ه بعد أن عاش 97 سنة.
تنظر ترجمته في: أخبار النحويين البصريين ص 80، والفهرست ص 79، ومراتب النحويين ص 77، وتهذيب اللغة 1/14، وتاريخ العلماء النحويين ص 211، ومقدمة مجاز القرآن 1/9.
(3)أبو الجرَّاح العقيلي، من فصحاء الأعراب، وأحد الذين حضروا المناظرة التي جرت بين سيبويه والكسائي، وقد وافق الكسائي. ينظر: الفهرست ص 70، وتاريخ العلماء النحويين ص 104.
(4)هو أبو يوسف يعقوب بن إسحاق السكِّيت، كان إماماً في اللغة، من أهل الدين والخير، كما كان عالماً بنحو الكوفيين، مبرزاً في علوم القرآنخبيراً بالشِّعْر، لقى فصحاء الأعراب وأخذ عنهم. له مصنَّفات مفيدة منها: إصلاح المنطق، توفي رحمه الله سنة ثلاثٍ وأربعين ومائتين، وقيل أربعٍ وأربعين. تنظر ترجمته في: مراتب النحويين ص 151-152، وتاريخ العلماء النحويين ص 301، وإشارة التعيين ص 386.
(5)قال في إصلاح المنطق ص 134: " ويقال: لقيت منه البُرَحَيْن والبِرَحَين والفُتَكْرِين =والفِتَكْرِين، وهي الدواهي ".وينظر: نهذيب إصلاح المنطق ص 335، ومجالس ثعلب ص 520، والممتع ص 78. وفي القاموس: " فتكر "، " والفتكرين - بتثليث الفاء، وفتح التاء، وبكسر الفاء وسكون التاء وفتح الكاف، الداهية والأمر العظيم ".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق