الاثنين، 4 مارس 2013

4 رابع.إيجاز التعريف في علم التصريف(فصل من مواضع حذف الياء)



فصل [من مواضع حذف الياء]

" تحذف كل ياء تطرفت لفظاً أو تقديراً بعد ياء مكسورة مدغم فيها  
أخرى في غير فعلٍ أو اسم جارٍ عليه " 1. 
كقولك في تصغير "عطاء ": "عُطَيٍّ"، وفي تصغير " إدَاوَة "2: " أُدَيّة "3، الأصل فيه " عُطَيّيٍّ " و" أُودَيِّيَة " بثلاث ياءات، الأولى للتصغير، والثانية بدل من الألف، والثالثة بدل من لام الكلمة، فاستثقل / 12-أ توالي ثلاث ياءات مع كسر المتوسطة منهن فحذفت " الأخيرة "4 تخفيفاً، وكانت بالحذف أولى؛ لتطرفها لفظاً في " عُطَيٍّ " وتقديراً في " أُدَيَّة "5، واشترط كسر المتوسطة؛ لأنَّها لو فتحت انقلبت الثالثة ألفاً، ولو سكنت جرت الثالثة مجرى الصحيح، ولا فرق عند سيبويه بين زيادة الثانية كما هي في تصغير " عطاء "، وعدم زيادتها كما هي في تصغير "أحْوَى" 6؛ لاستواء اللفظين في الثقل لو جاءا تامَّين، فتقول في تصغير أحْوَى: " أٌحَيُّ " غير مصروف، والأصل: " أُحَيْوِيُّ " فقلبت الواو وأدغم فيها ياء التصغير، فصار " أُحَييِّ "، فاجتمع فيه ما اجتمع في " عُطَيّيّ " قبل أن يخفف بالحذف فألحق به7.
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 الاسم الجاري عليه هو اسم افاعل والمفعول والمصدر نحو: مُحْي، والتزي. ينظر المساعد 4/148، وشرح تصريف ابن مالك لابن إيَّاز ص 147، والتسهيل ص 307
2 الإداوة: إناء من الجلد يتخذ لحمل الماء. اللسان أدو.
3 ينظر الكتاب 3/471، والمساعد 4/147-148.
4 في ب: " الآخرة ".
5 لأنَّ التاء في تقدير الانفصال.
6 الأحوى هو الأسود سواداً يضرب إلى الخضرة، وقيل الأحمر حمرة تضرب إلى السواد. اللسان حوَّ.
7 تنظر الآراء في تصغير " أحوى " في الكتاب 3/471-472، والنكت في تفسير كتاب سيبويه 2/940-941، وشرح الشافية للرضي 1/232.



ص -144- وأبو عمرو1 يفرِّق فيحذف في " عُطَيّ " ونحوه مِمَّا الياء الأولى والثانية فيه زائدتان ولا يحذف في " أُحَيٍّ " ونحوه2؛ لأنَّ الياء الثانية فيه موضع العين مع الإجماع على اغتفار ذلك في الفعل كـ " أُحيي " مضارع " حَيَّيْتُ "، وفي الاسم الجاري عليه كـ "الْمُحْيّ "و" التّزَيّ"3 مصدر تَزَيَّا بالشيء. وإنَّما اغتفر ذلك في الفعل من أجل أنَّه عرضة لحذف آخره بالجزم ثُمَّ حُمِلَ عليه اسم الفاعل والمصدر.
فصل
لو بني مثل " جَيِّد " من " قُوَّة " وجب على قول سيبويه أن يكون " قَيّا "، وعلى قول أبي عمرو أن يكو " قَيّيا "، وأصله: " قيوى"، فقلبت الواو، وأدغم فيها الياء فصار " قَيِيَّا " فيحذف الثالثة سيبويه؛ لأنَّها كالمحذوفة من " عُطيٍّ " في كونها ثالثةً تاليةً مكسورة، مدغماً فيها أخرى. ولا يحذفها أبو عمرو؛ لأنَّ التي وليتها غير زائدة، فأشبهت آخر " مُحيٍّ " و " تَزَيٍّ "4.
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 هو: أبو عمرو بن العلاء، اختلف في اسمه على واحد وعشرين قولاً أشهرها:" زبان "، هو أحد القُرَّاء السبعة، وأحد أئمة أهل البصرة في اللغة والنحو، توفي رحمه الله سنة 154، وقيل 159 هـ. تنظر ترجمته في أخبار النحويين البصريين ص 28، ومراتب النحويين ص 32، 42، وطبقات الزبيدي ص 28، وبغية الوعاة 2/231، ونشأة النحو ص 61.
2 تنظر المراجع السابقة في الحاشية 2.
3 ينظر الكتاب 4/395 وما بعدها، وشرح الشافية للرضي 2/45 وما بعدها، والمساعد 4/148، وشرح تصريف ابن مالك لابن إيَّاز ص 147.
4 تنظر المراجع السابقة في حاشية 148.



ص -145- فصل [من مواضع إبدال الواو ياء]
إذا التقت"الواو والياء1 في كلمةٍ2، وسكن3 سابقهما4، ولم يكن عارضاً5، هو ولا سكونه6 أبدلت الواو ياء7، وأدغمت
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 في ب: "الياء والواو".
2 قال في المساعد 4/51: "وخرج بكلمة: الكلمتان نحو: "في يوسف "و "فُو يَزيد "فلا إبدال ولا إدغام".
3 قال ابن إيَّاز في شرح التعريف في ضروري التصريف ص 154: "إنَّما اشترط سكون الأولى ليصح الإدغام فإنَّ شرطه أن يكون الأول ساكناً".
4 في أ: "سابقها".
5 قال في المساعد 4/152: "فإن كانت الواو المذكورة بدلاً جائزاً لم يثبت باطراد ما ذكر من الإبدال...". وينظر شرح التعريف لابن إيَّاز ص 154، وشرح الشافية للرضي 3/139 وما بعدها.
6 قال ابن إيَّاز في شرح التصريف ص 154: "فإن عرض فيه السكون لم تقلب الواو ياءً، وذلك كأن تبنى من "طويت "ولا تقلب الواو ياءً مع الاجتماع المذكور؛ لأنَّ السكون عارض". وينظر: المساعد 4/151، وشفاء العليل 3/1097.
7 أورد ابن إيَّاز في شرحه للتعريف في ضروري التصريف للمصنّف على هذه المسألة سؤالين وأجاب عنهما، وفيما يلي نص كلامه في ص 150،152: "وهنا سؤالان:
الأول: أن يقال: لِمَ وجب وليسا بمثلين ؟.
والثاني: لم تعين قلب الواو ياءً ولم يكن الأمر بالعكس ؟
والجواب عن الأول: أنَّهما يجريان مجرى المثلين لوجوه:
منها: اجتماعهما في المد واللين. ومنها كونهما بياناً للأسماء المضمرة نحو: "بهي "و "لهو". ومنها: أنَّهما يحذفان في الفواصل والقوافي تخفيفاً عند الوقف كقوله:
... ... ... ... وبع ض القوم يخلق ثُمَّ لا يَفْرْ "
أصله يفري، فحذفت الياء..
وقوله:
... ...... ...... ... وقلت لِشُفَّاع المدينة أوجفْ



ص -146- إحدى الياءين في الأخرى ك"سَيِّد".
و "طَيٍّ"1، أصلهما: "سَيْوِدٌ"2، و "طَوْىٌ"؛ لأنَّهما من "سَادَ يَسُودُ، وطَوَى يَطْوِي "ففعل بهما ما ذكر.
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
ريد "أوجفوا" ومنها: أنَّ الياء إذا وقعت ساكنة وقبلها ضمة قلبت واواً، والواو إذا وقعت ساكنة وقبلها كسرة قلبت ياءً. ومنها: قلبهما ألفاً إذا تحركا وانفتح ما قبلهما، وليس ذلك مطلقاً، ويأتي تفصيله - إن شاء الله تعالى -.
ومنها: قلبهما همزة عند وقوعهما طرفا بعد ألف زائدة.
ومنها: اجتماعهما في الردف كقوله:

يا حَبَّذا قَرِينَتِي رَعُومُ وحَبَّذا مَنْطِقُها الرَّخيمُ

ومنها: إبدال الألف منهما ساكنين مثل: "ياجل" في "يوجل"، و "يَابس" في "يَيْبَس" وهو في الياء أكثر، نص على ذلك أبو الفتح في منصفه؛ لذلك نرجح قول الخليل في "ها هيت" على قول أبي عثمان.
والجواب عن الثاني من وجهين: أحدهما: قاله أبو علي - في التكملة - وهو أنَّ الياء من حروف الفم، والواو من حروف الشفة. والإدغام في حروف الفم أكثر منه في حروف الطرفين، ويؤكده إجازتهم إدغام الباء في الفاء كقولهم: "اذهب في ذلك "ولم يجيزوا إدغام الفاء في الباء، وما حكى عن الكسائي من إدْغام الفاء في الباء من قوله تعالى: {تخْسِف بِهِم} فقد استضعف وحمل على الإخفاء.
والثاني: أنَّ الياء أخف من الواو فكان القلب إليها لذلك. وينظر الكتاب 4/365. وانظر الجواب عن السؤال الثاني في شرح التصريف للثمانيني ص 456. وتنظر التكملة لأبي علي ص 616، والمنصف 2/69، 171، والتبصرة للصيمري 2/656.
(1)ينظر الكتاب 4/365، والبغداديات ص 87، وسر صناعة الإعراب ص 153، 58، 735، والمنصف 2/15، والمساعد 4/ 151.
(2)القول بأنَّ أصل "سَيِّد "سَيْود بتقديم الياء على الواو، وأنَّ وزنه فَيْعِل بكسر العين هو مذهب البصريين، وقال البغداديون: بأنَّه بفتح العين "فَيْعَل"، وذهب الكوفيون إلى أنَّ أصله سَوْيد على وزن "فَعْيل". ينظر الكتاب 4/365، وشرح الملوكي لابن يعيش ص 464، والإنصاف ص 795، وشرح الأشموني 4/263.

ص -147- فإن استحِقَّ هذا الحكم وكان المدغمُ فيه لامَ الكلمة وقبل المدغم ضمةٌ وجب إبدالها كسرة1 كـ"مَرْمِيٍّ"، و"ثُدُويٌ"، و"بُغُويٌ"، و"أَمْنُويٌ"؛ لأنَّ الأول: اسم مفعول من فعل ثلاثي فتجب موازنته النظائر كـ"منسوب"، و "مكتوب".
والثاني: جمع "ثَدْي"2 فيجب كونه على فُعُول كـ "فُلُوس".
والثالث: "فَعُول"3؛ لأنَّه إذا كان فَعُولاً كان خلوه من هاء التأنيث باستحقاق، وإذا كان فَعِيلاً يكون خلوه من هاء التأنيث شذوذاً، ولا يصار إلى الشذوذ مع إمكان العدول عنه.
والرابع: "أفْعُولَة "من4 "التمني"؛ لأنَّه لو لم يكن أفْعُولَة لكان أَفْعِيلَة، وهو وزنٌ مرفوض.
ويمنع من هذا الإعلال كون السابق من الياء والواو عارض السكون نحو قولك في "قَوِيَّ": "قَوْيَ" بالتخفيف، كما يقال في "عَلِمَ": عَلْمَ /"12-ب) فإنَّ الحركة منويّةٌ، فلا يصح الإدغام كما لا ترجع الياء إلى أصلها فيه، وفي "شَقْي" بسكون القاف.
ويمنع من الإعلال المذكور أيضاً كون السابق "من الواو والياء"5
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ينظر المساعد 4/137
2 الثدي يجمع على: أثدٍ وثُديٍ. القاموس "ثدى".وينظر الكتاب 4/384.
3 في القاموس "بغية": و "بغت الأمَةُ تَبْغِي بَغْياً وبَاغَت مُبَاغَاةً وبِغَاءً، فهي بَغِيٌّ وبَغُوٌّ، عهرت. والبَغِيُّ الأمة أو الحرة الفاجرة".
وينظر اللسان "بغا".
4 في اللسان "منى": "والأُمْنِيَّةُ أُفْعُولَة، وجمعها أماني".
5 في ب: "من الياء والواو".



ص -148- عارضاً بانقلابه من غيره كانقلاب الواو في "بُويِع"1 من ألف "بايع" فلم يقل فيه "بُيِّعَ" لذلك، ولئلا يلتبس باب المفاعلة بباب التفعيل.
وكذلك الياء في(ديوان) هي منقلبة من وَاوٍ2 بدلالة قولهم في الجمع:"دَوَاوِين" فلم يُعَلَّ "ديوان "بالإعلال المذكور؛ لأنَّ اجتماع الياء والواو فيه عارض؛ ولأنَّ إعلاله بما ذكر يُصَيِّرُهُ "دِيَّاناً" وهو مثل "دِوَّان" الذي فُرَّ منه3، وسبب الفرار منه خوف التباس الاسم بالمصدر، فإنَّ فِعَّالاً مصدر فَعَّل كَكِذَّاب. فإذا جاء اسم على وزنه أبدلوا الياء الضعف الأول كما قالوا:"قَيِرَاط4، ودِينَار"5.
فإن كان فيه تاء التأنيث أَمِنُوا اللبس فتركوه على حاله نحو:"صِنَّارَةٌ"6.
ولأجل عروض الاجتماع تصح الواو المبدلة من همزة "تؤي "ونحوه
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 مبني للمفعول.
2 قال في سر صناعة الإعراب 2/735: "ونظير "اجْلِيوَاذ "قولهم:"دِيْوَان"؛ لأنَّ أصله: دِوَّان، ومثاله فِعَّال. والنون فيه لام لقولهم: "دَوَّنْتُه "و "دواوين "و "دُوَيْوِين". وينظر: المنصف 2/31-33.
3 ينظر هذا التعليل في المرجعين السابقين.
4 قال في اللسان "قَرط": القرَّاط والقيراط من الوزن معروف، وهو نصف دانق. وأصله قِرَّاط بالتشديد؛ لأنَّ جمعه: قراريط، فأبدل من إحدى حرفي تضعيفه ياء على ما ذكر في "دينار". وينظر: المنصف 2/32.
5 في اللسان "دنر": الدينار فارسي معرَّب، وأصله دِنَّار بالتشديد بدليل قولهم دنانير ودُنينير، فقلبت إحدى النونين ياء لئلا يلتبس بالمصادر التي تجيء على فِعَّال.. وينظر: المنصف 2/32.
6 في تهذيب اللغة باب الصاد والراء "صنر" 12/159: "وقال الليث: الصِنَّارة: مِغْزَل المرأة وهو دخيل. وقال غيره: صِنَّارَة المغزَل هي الحديدة المعقَّفَةُ في رأسه.
ثعلب عن ابن الأعرابي: الصِّنَارى السيء الخُلُق، والصنور البخيل السيء الخُلُق".



ص -149- على أنَّ الفرَّاء1 قد حكى: "رُيَّة "في "رُؤْيَة"2.
وسمع الكسائي3: {إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّيَّا تَعْبُرُونَ}4 وهذا من الاعتداد بالعارض فلا يقاس عليه.
فإن كان السابق مبدلاً بدلاً لازماً في اسم لا يناسب الفعل فحكمه حكم الأصلي كمثال "إنْفَحَة"5 من "أوب"6 أصله: إِئْوَبَة، ثُمَّ:
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 تقدَّمت ترجمته ص 24
2 جاء في معاني القرآن للفراء 2/35: "وإذا كانت الهمزة من "الرُؤْيَا" قالوا: الرُّويا، طلباً للهمزة، وإذا كان من شأنهم تحويل الهمزة قالوا: لا تقصص رُيَّاك في الكلام. فأمَّا في القرآن فلا يجوز لمخالفته الكتاب، أنشدني أبو الجراح:

لعرض من الأعراض يُمسي حَمَامُه ويُضحي على أفنانه الغين يهتف

أحبُّ إلى قلبي من الدِّيك رُيَّةً وباب إذا ما مال للغلق يَصْرِف

أراد: رُؤية، فلمَّا ترك الهمز وجاءت واو ساكنة بعدها ياء تحولتا ياء مشددة كما يقال: لويته لَيّاً، وكويته كيّاً، والأصل: كوياً، ولوياً، وإن أشرت إلى الضمة قلت: رُيَّا فرفعت الراء فجائز".
3 أبو الحسن علي بن حمزة المعروف بالكسائي، شيخ أئمة النحو، الكوفي، وأحد القراء السبعة، أخذ عن الخليل ويونس بن حبيب، وغيرهما. وأخذ عنه الفراء وخلف وغيرهما، له عِدَّة مؤلفات، توفي سنة 282. وقيل 289 ه. تنظر ترجمته في كل من: مراتب النحويين ص 120، وطبقات الزبيدي ص 127، ونزهة الألباء ص 67، ومعرفة القراء الكبار 1/120، ومعجم المؤلفين 7/84.
4 الآية 43 من سورة يوسف. جاء في معاني القرآن للفراء 2/36: "وزعم الكسائي أنَّه سمع أعرابياً يقول: {إنْ كُنْتُم للرُّيَّا تَعْبُرُون}.
وفي مختصر الشواذ لابن خالويه ص 62: "عن أبي عمرو: {قَدْ صَدَّقت الرِّيَّا}.. وسمع الكسائي: رُيَّاك، ورِيَّاك". وينظر الكشاف 2/303، والدر المصون 6/438، والمساعد 4/153، وابن الناظم ص 855
5 الإنْفَحَةُ: بكسر الهمزة وفتح الفاء والحاء: "شيءٌ أصفر يُسْتَخْرَج من بطن الجدي يوضع في اللبن ليروب ويغلظ ويجبن". ينظر: تهذيب اللغة"نفح) 5/112، واللسان "نفح).
6 الأوب: الناحية، والرجوع. ينظر: الصحاح "أوب".



ص -150- إيْوَبَة، ثُمَّ: إيَّبَة، "ولا تفعل"1 ذلك بمثل "احْمَرَّ"2 منه وأصله: إئَوبُّ ثُمَّ تبدل الهمزة الساكنة ياء؛ لسكونها بعد مكسورة فيقال: إيْوَبُّ، ولا يعمل به ما عمل إيْوَبَةٍ، حين قيل فيه: إيَّبَةٍ؛ لأنَّه اسم جامد لا يلزم نقله إلى صيغة تصحُّ فيه الهمزة، بخلاف مثال "احْمَرَّ "فإنَّه لا يستغنى فيه عن المضارع واسم الفاعل فيقال: يَأْوَبُّ فهو مُؤْوَبٌّ، فكان التقاء الياء والواو في "أيْوَبَّ "شبيهاً بالتقائهما في "إيْوَاء3، وبُويِع"4 فلم يختلفا في الحكم.
فأمَّا لو كان التقاء الواو والياء في كلمتين فلابدَّ من التصحيح؛ لأنَّ التقاءهما حينئذٍ عارض، نحو: "لَوْ يَمَّمْت"و "لَدَيْ واصل"5.
ومن العرب من يحمل التصغير على التكسير فَيَقُول: جُدَيْولِ في تصغير جَدْول6 واللغة الجيدة جُدَيِّل7، وكذلك ما أشبهه مما صحت
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 في أ: "فلا تفعل".
2 في ب: "حمَّر".
3 قال الجوهري في الصحاح "أوى": "وآويته أنا إيوَاءً، وأَوَيته أيضاً إذا أنزلته بك".
4 مبني للمفعول، وهو من المبايعة.
5 ينظر المساعد 4/151.
6 الجدول: النهر الصغير. المنصف 3/6.
7 ينظر سر صناعة الإعراب 2/582،584، والمساعد 4/495، والارتشاف 1/355 ولم أجد في هذه المراجع نسبة التصحيح أو الإعلال إلى قبيلة مخصصة. كما أنَّ عبارة المصنف في التسهيل لا تدل على أن "جُدَيِّل "أجود من "جديول". ينظر: التسهيل ص 284، والمساعد الصفحة السابقة.



ص -151- الواو في جمعه على مثال مفاعل(1).
و "أمَّا ضَيْون(2)، ويَوْمٌ أَيْوَمٌ"(3)، ونحوهما فيحفظ على شذوذه(4)، ولا يقاس عليه ولا يغير عن حاله.
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)ينظر المساعد 4/498
(2)الضيون: السنور الذكر، ويقال له: القط، والهر، والخيطل.
ينظر: المنصف 3/34، والقاموس "ضون".
(3) يقال: يَوْمٌ أيْوَمٌ ويَوِمٌ و وَوِمُ. وهو آخر يوم في الشهر أو الشديد. قال في اللسان:"والجمعُ أيَّام"لا يكسَّر إلاَّ على ذلك.
(4) قال الأعلم في النكت في تفسير كتاب سيبويه 2/239: "هذا باب ما شذ من المعتل على الأصل، وذلك نحو: ضَيْوَن.. أمَّا ضيون فكان حقه أن يقال فيه: ضَيّن بالقلب والإدغام ولكنَّه شذ عن النظائر. ويجوز أن تكون العرب قالت: ضَيون؛ لأنَّه لا يعرف له اشتقاق ولا فعل يتصرف، فلو قالوا: ضَيِّن لم يعرف أهو من الياء أم الواو". وينظر: الكتاب 4/369، 430، والمقتضب 1/171.
وقال المصنِّف في التسهيل: "ونحو: عَوْيَة وضَيْوَن و عَوَّة ورُيَّة شاذ". قال في المساعد 4/152-153: "ووجه كونها شاذة مخالفتها لما سبق تقريره وقعت هذه المخالفة على ثلاثة أوجه: أحدها: التصحيح، نحو: عوى الكلب عَوْيَةً، والقياس عَيَّةً. وكذا قولهم للسنور: ضَيْوَن، والقياس ضَيِّن؛ ونحوهما قوله: يَوْمٌ أيْوَمٌ، والقياس: ايِّمٌ..".

فصل [إبدال الواو ياء في الجمع على فُعُول]
إذا جمع ما لامُه واوٌ على فُعُول أبدلت لامه ياء ووجب للواو التي قبلها ما ذكر آنفاً من إبدالٍ وإدْغامٍ نحو:"دُلِيّ وعُصِيّ" في جمع"دَلْوٍ" و"عصا"، وفي الفاء التخيير بين الضم والكسر(1).
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)ينظر الكتاب 4/362، 384-385، والنكت في تفسير كتاب سيبويه 2/1211،كتاب المفتاح في الصرف ص 105، ونزهة الطرف ص 34-43، والممتع 2/497-498. وقال في المساعد 4/136:"والأكثر في فاء عصيٍّ ونحوه الضم وهو الأصل والأفصح، ومن العرب من يكسر الفاء اتباعاً لحركة العين هذا في الجمع).



ص -152- وكذلك كل فاء مضمومة تليها ياء مدغمة في ياء هي لام ك "لُيٍّ "جمع "ألوى"1، وقد يجيئ هذا الجمع مصححاً كـ"أُبُوٍّ" و"نُحُوٍّ" في جمع "أبٍ، ونَحْو"2. إن لم تكن عينه واواً كلامه كجوّ3 لو جُمِعَ على فُعُول.
وشذ تغليب الواو في قولهم:"فُتِيٌّ وفُتُوٌّ"4 "حكاه"5 الفراء، ويمكن أن يكون فتوّ على لغة من قال في التثنية: فتوان حكاه يعقوب6 فلام فتى على هذه /"13-أ) اللغة واو، والأعرف كونها ياء لإجماع العرب على فِتْيَة وفِتْيَان7.
فإن كانت الواو لام "مَفعُول "أو لام "فُعُول "مصدراً أو عين "فُعَّل
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 الألوى: الشديد من الرجال وغيرهم، ويقال: قرن ألوى إذا كان ملتوياً معوجاً.
2 النحو: الجهة. وتنظر المراجع السابقة، والمنصف 2/123-124، وشرح الملوكي لابن يعيش ص 478-480، وشرح الكافية للرضي 3/87 وما بعدها. قال الرضي في 3/171: "ولا يقاس عليه خلافاً للفراء".
3 الجو: الهواء، وما بين الأرض والسماء، واسم بلد هو اليمامة، يمامة زرقاء. ينظر: الصحاح واللسان "جوا".
4 في الصحاح "فتى": "الفتى: الشاب.. والفتى السخي الكريم، يقال هو فتىً بَيِّن الفُتُوَّة، وقد تفتَّى وتفاتى، والجمع فتيان وفتية وفُتُوٌّ على فعول، وفُتِيٌّ مثل عصى... قال سيبويه: أبدلوا الواو في الجمع والمصدر بدلاً شاذاً". وينظر اللسان، والقاموس"فتى). وينظر: المساعد 4/137.
5 في أ: "وحكاه".
6 نسب له ذلك القول في اللسان "فتى".
7 ينظر الصحاح والقاموس واللسان "فتى".



ص -153- "جمعاً جاز الإعلال. والتصحيحُ أكثر ك "مَعْدُوٍّ ومَعْدِيٍّ"1 و "عُتُوٍّ وعُتِيٍّ"2، و"صُوَّمٍ وصُيَّم"3.
وربما أُعِلَّ فُعَّال كـ"نُيَّام"4؛ والتزم تصحيح فُعُول كـ"عُدُوٍّ"5. و"عُفُوٍّ"67؛ لأنَّه لو أعل الإعلال المذكور التبس بفَعِيل كـ"جَلِيٍّ"8 و"زَكِيٍّ"9بخلاف"فُعُول ومَفْعُول "فإنَّ التباسهما بغير بنائهما مأمون؛ إذ ليس في الكلام"فُعِيل، ولا مَفْعِيل" إلاَّ ما ندر كـ"مَسْكِين"10 . فإذا ظُفِرَ بما يوازنهما عُلِمَ أنَّه مُغَيَّر عن أصله، ك"بُكِيٍّ"11. "مَكنِيٍّ"12.
فإنْ كانت الواو في فُعُول أو مَفْعُول بدلاً من همزة امتنع الإعلال
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ينظر الكتاب 4/384-385، والمقتضب 1/175، 187 .
2 ينظر كتاب العين 2/226، والكتاب 4/384-385.
3 ينظر الكتاب 4/362، والمقتضب 1/128، 189، والمنصف 2/3،4،9.
4 ينظر المنصف 2/5، والممتع 2/498، وشرح ابن عقيل 2/579. وينظر المساعد 4/139، وشرح التعريف لابن إياز ص 159.
5 ينظر القاموس "عدا".
6 في ب: "كعُفُوّ وعُدُوّ".
7 عَفَت الدَّار عُفُوّاً بمعنى درست. القامو واللسان "عفى".
8 ينظر المرجعان السابقان "جلا".
9 ينظر المرجعان السابقان "زكى".
10 جاء في اللسان "سكن": "والمِسْكِين والْمَسْكين - الأخيرة نادرة؛ لأنَّه ليس في الكلام مَفْعِيل - الذي لا شيء له، وقيل: الذي لا شيء له يكفي عياله".
11 قال في الصحاح "بكى": "والبُكِيُّ على فُعُول جمع باكٍ، مثل: جالس وجُلُوس، إلاَّ أنَّهم قلبوا الواو ياءً".
12ينظر: اللسان والقاموس "كنى".



ص -154- المذكور نحو: قُرُوء في لغة مَنْ خَفَّف فقال: قُروٌّ ومَقْروُّ1. أمَّا قول الشاعر2:
... ... ... ... ... ... كورهاء مَشْنِيٌّ إليها حليلها3
فبناه على شَنِئَ بإبدال الهمزة ياءً4؛ لأنَّها مفتوحة بعد كسرة، وقد حُكِيَ أنَّ من العرب مَنْ يقول: كَلَيْتُه بمعنى كلأته، ومَكْلِيٌّ بمعنى مَكْلُوٍّ5 - أي محفوظ، فَشَنِئٍ أولى بذلك لكسر عينه، ولو جعل هذا مطرداً - أعني إبدال الهمزة ياءً إذا كانت لام مَفْعُول من فِعْلٍ على فَعِل كَشَنِئ - لكان صواباً.
وكذلك إذا بنى على "فُعِل" وكان أصله "فَعَل "- بفتح العين - فليس ذا بأبعد"6 من قول مَنْ قال: "مَشيب، ومَهُوب" حملاً على
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ينظر اللسان "قرأ". "شنأ" 1/97.
2 هو الفرزدق، كما في ديوانه 2/62.
3 هذا عجز بيت من الطويل، وصدره:
وما خاصم الأقوام من ذي خصومةٍ ... ... ... ... ...
ورواية الديوان، وتهذيب إصلاح المنطق: "مشنوء "بغير إبدال. وقد ورد الإبدال في تهذيب اللغة 10/360: "كلأ": "والورهاء الحمقاء، والمشنوء المبغض والحليلالزوج".
4 قال في تهذيب اللغة 10/360 "كلأ": "فبني على شنيت بترك النبر".
5 قال في تهذيب اللغة 10/359 "كلأ": "قال الفراء: ولو تركت همز مثله في غير القرآن لقلت: يكلوكم بواو ساكنة، ويكلاكم بألف ساكنة مثل يخشاكم، فمن جعلها واواً ساكنة قال: كَلاَتُ بألف بترك النبر منها، ومن قال يكلاكم قال: كليت مثل مَضيت، وهي من لغة قريش، وكُلٌّ حسنٌ، إلاَّ أنَّهم يقولون في الوجهين: مكلوَّة ومكلوٌّ، أكثر مِمَّا يقولون: مكْلِيٌّ، ولو قيل: مكليّ في الذين يقولون كَلَيْتُ كان صواباً".
6 من هنا بدأ السقط من "ب "ومقداره صفحتان تقريباً.



ص -155- "شِيبَ1 وهُوبَ"2 وهما من "الشوب والهيبة"3.
وهذا مُنَبِّهٌ على أنَّ إعلال "معدوٍّ" ونحوه حمل على "عدى وعادٍ"، مع تقدير طرح المدة الزائدة فيشبه "أَدْلُواً "فيعامل معاملته حين قيل فيه: "أدلٍ"4.
فإذا انضم إلى ذلك لزوم إعلال الفعل لكونه على فَعِل كـ "رَضِي" أوثر إعلال مَفْعُول على تصحيحه قال تعالى: {ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً}5 ولم يقل مَرْضُوَّة؛ لأنَّ القرآن لم ينزل بغير الأوْلَى.
فإن كانت في مفعول مما عينه واو تعين الإعلال المذكور نحو: قُوِيَ على زيد فهو مُقْوِيٌّ عليه. أصله: مَقْوُوٌّ عليه، فاستثقل توالي ثلاث واوات بعد ضمة فلجئ إلى التخفيف بالإعلال6.
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ينظر الصحاح "شوب" فقد جاء فيه: "إنَّما بناه على شيب الذي لم يسمَّ فاعله، أي مخلوط بالتوابل والصباع.
2 قال في الصحاح "هيب": "ورجل مهيب أي تهابه الناس، وكذلك مهوب بني على قولهم: هُوبَ الرجل، لما نقل من الياء إلى الواو فيما لم يسم فاعله. وينظر في هذه المسألة شرح الكافية الشافية 4/2142- 2144 فقد قال فيه:

وشَذَّ في مَشوب المشِيب كذا مَهُوباً جعل المَهُوب

3 ينظر الارتشاف ص 244-245
4 قال في الكتاب 4/384: "وقالوا: عُتِيٌّ ومَغْرِيٌّ "شبهوها حيث كان قبلها حرف مضموم ولم يكن بينهما إلاَّ حرف ساكن بأدْلٍ، فالوجه في هذا النحو الواو، والأخرى عربية كثيرة. وينظر القتضب 1/187
5 الآية 28 من سورة الفجر.
6 قال في الكافية الشافية - شرحها 4/2146:

وكل ذي الأوزان من نحو "قوى " لم يُستجز تصحيحه ولا نُوى

ينظر: المقتضب في اسم المفعول من الثلاثي المعتل العين ص 103، وينظر المساعد 4/150.



ص -156- وأيضاً: فإذا كان إعلالُ مَعْدُوّ جائزاً(1) مع أنَّ تصحيحه لا يوقع في بعض ما يوقع تصحيح مَقْوِيٍّ فإعلال مَقْوِيٍّ لإيقاعه فيما ذكر متعين لا محيص عنه(2).
وهذا الإعلال متعين أيضاً لكل ما آخره كآخر مفعول مبنياً مما عينه ولامه واو، وإن لحقته التاء فكذلك، ولا فرق بين تقدير لزومها وتقدير عروضها(3).

ــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) تقدَّم الكلام عليه في ص 152-153.
(2) تنظر المراجع السابقة في الحاشية"4" من الصفحة السابقة.
(3) ينظر المساعد 4/154-155.

فصل: [من مواضع إبدال الواو ياء]
تبدل الياء من الواو الكائنة لام فُعْلَى صفة محضة كالعُلْيَا ، أو جارية مجرى الأسماء كالدُّنْيَا (1)،و الأصل فيهما : العُلْوَى والدُّنْوَى ، لأنَّهما من العلو والدنو ، ولكنهما مؤنثاً الأعلى والأدنى ، والواو في المذكر قد أبدلت
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) قال في المساعد 4/157 :" وخرج بصفة الاسم فلا تبدل فيه نحو : حُزوى ، اسم موضع . هذا ما ذهب إليه المصنف ، وهو مذهب الفراء وابن السكيت والفارسي وناس من اللغويين ؟ وذهب إليه أن تصحيح حُزوى شاذ وأن قياس الاسم الإعلال وتمسكوا بالدنيا أنثى الأدنى ونحو ذلك . وقالوا إن الصفة تبقى على لفظها ولا تغير نحو : خذ الحلوى واعط المزى ، قالوا وشذ من الاسم شيء لم يقلب وهو القصوى . وحزوى اسم موضع ، ولعل الأول أقرب إلى الصواب".
وينظر : الكتاب4/389 ، وسر صناعة الإعراب ص 735 - 736 والمنصف 2/162، والنكت في تفسير كتاب سيبويه 2/1213 ، والممتع 2/544 -545 ، وشرح الكافية الشافية 4/2120 - 2120 ، والارتشاف 1/291



ص -157- ياء ، لتطرفها ووقوعها رابعة ، فقلب في / (13/ب) المؤنث حملاً علىالمذكر ، ولأن هذا الإعلال تخفيف فكان به المؤنث أولى ، لما فيه من مزيد الثقل بالوصفية ، والتأنيث بعلامة لازمة غير مغيرة في مثال مضموم الأول ملازم للتأنيث .
وإذا كانوا (1) يفرون من تصحيح الواو ، لمجرد ضم الأول وكون التأنيث بعلامة ليس أصلها أن تلزم فقالوا في "الرَّغْوَة " : رُغاَيَة ، فأبدلوا الواو ياء مع الضمة ، ولم يبدلوها مع الكسرة حين قالوا : رغاوة (2) ، لنقصان الثقل ، ففرارهم من تصحيحها مع اجتماع المستثقلات المذكورة فإن كان "فُعْلَى"اسماً محضاً كـــ " حُزْوَى" لم يغير ، لعدم مزيد الثقل وعدم مايحمل عليه ، كحمل العُلْيا على الأعلى (3) .
وهذا الذي ذكرته وإن كان خلاف المشهور عند التصريفيين ، فهو مؤيد بالدليل ،وهو موافق لقول أئمة اللغة . فمن قولهم ما حكاه الأزهري (4) عن ابن السكيت (5) وعن الفراء (6) أنهما قالا : ماكن من النعوت مثل الدُّنْيَا والعُلْيَا فإنُّه بالياء ، لأنهم يستثقلون الواو مع ضمة أوله وليس فيه اختلاف ، إلأّ أن أهل الحجاز قالو : " القُصْوى" فأظهروا الواو ،وهو نادر . وبنو نيم يقولون : القُصْيا (7) .


ـــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)في المخطوط : " وإذا كانوا مما يفرون ......."فلعل" مما"زائدة .
(2) الرغوة : زبد اللبن ، وفيها ثلاث لغات : ضم الراء وفتحها وكسرها . وفيها أيضاً : رُغاية بضم الراء ، ورغاوة بكسر الراء والواو قبل الأخير .
(3) تنظر المراجع السابقة في الحاشية (4) ص 156
(4) تقدمت ترجمته قي ص 130
(5) تقدمت ترجمته قي ص 76
(6) تقدمت ترجمته قي ص 62
(7) ينظر هذا الكلام في تهذيب اللغة ، باب القاف والصاد 9/219 .



ص -158- هذا قول ابن السكيت ، وقول الفراء ، والوقع على وفقه . قال الله تعالى : {إِذْ أَنْتُمْ بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيَا} (1) ,وقال تعالى :
{وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا } (2)
ان صفتان محضتان ، والنحويون يقولون : هذا الإعلال مخصوص بالاسم ثُمَّ لايمثلون إلأَّ بصفة .
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الآية 42 من سورة الأنفال .
(2) من الآية 40 من سورة التوبة . ولم أعثر على مانُسب للفراء في تفسيرة معاني القرآن عند كلامه على هاتين الآيتين .

فصل [من شواذ الإعلال]
من شواذ الإعلال إبدال الواو من الياء في فَعْلَى اسماً كـ "الثَّنْوَى"1، و"البَقْوَى"2، و"التَّقْوَى"3، و "الفَتْوَى"4. والأصل فيهنَّ الياء؛ لأنَّهن من الثَّنْي، والبُقْيَا، والتُّقى مصدر تقيت بمعنى اتقيت، والفُتْيَا.
وأكثر النحويين يجعلون هذا مطرداً5، ويزعمون أنَّ ذلك فُعِل فرقاً
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 قال في الصحاح "ثنى": "والثُّنْيَا بالضم الاسم من الاستثناء، وكذلك الثَّنْوَى بالفتح".
2 قال في الصحاح "بقى": "أبقيت على فلان إذا رحمته، والاسم منه البُقيا والبَقْوَى".
3 التقوى: التقية والورع. ينظر المنصف 3/74، والمنتخب ص 572
4 الفتوى: هي الفُتْيَا، ومعناها الجواب عن المسألة. ينظر المنتخب، والمنصف في الصفحات السابقة نفسها.
5 قال ابن عقيل في المساعد 4/158-159 عند قول المصنف في التسهيل: "وشذ إبدال الواو من الياء لاما لفَعْلَى اسماً"... ولعل مراده شذوذ القياس لا شذوذ عدم الاطراد فإنَّ ذلك مطرد في الاستعمال كما قال أكثر النحويين، وعليه كلام سيبويه، وقال المصنّف في غير هذا الكتاب: أو شذوذ لا يقاس عليه...".



ص -159- بين الاسم والصفة وأوثر الاسم بهذا الإعلال؛ لأنَّه مستثقل، فكان الاسم أحمل له لخفته وثقل الصفة1، كما أنَّهم حين قصدوا التفرقة بين الاسم والصفة في جمع فَعْلَة، حركوا عين الاسم وأبقوا عين الصفة على أصلها2.
وألحقوا بالأربعة المذكورة الشَّرْوى3، والطَّغْوَى4، والعوَّى5، والرَّعْوى6 زاعمين أنَّ أصلها من الياء. والأولى عندي جعل هذه الأواخر من الواو سدّاً لباب التكثر من الشذوذ حين أمكن سده، وذلك أنَّ الشروى - معناه: المثل - ولا دليل على أنَّ واوه منقلبة عن ياء إلاَّ ادعاء مَنْ قال: إنَّه من شَريت7، وذلك ممنوع؛ إذ هي دعوى مجردة عن الدليل، مع أنَّ
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ينظر المنصف 2/158.
2 قال ابن عصفور في الممتع 2/542: "وإنَّما فعلوا ذلك تفرقة بين الاسم والصفة وقلبوا الياء واواً في الاسم دون الصفة؛ لأنَّ الاسم أخف من الصفة؛ لأنَّ الصفة تشبه الفعل، والواو أثقل من الياء فلما عزموا على إبدال الياء واوا وجعلوا ذلك في الاسم لخفته فكان عندهم من أجل ذلك أحمل للثقل. وينظر: شرح التصريف للثمانيني ص 517-518
3 في المنتخب ص 286، 572: "شروى كل شيء مثله".
4 الطُّغْيَا مجاوزة الحد والطُّغوان بمعناه وكذلك الطَّغْوَى بالفتح.
ينظر الصحاح "طغا" 6/2413
5 العوَّاء والعوّى بالمد والقصر من منازل القمر، وهي أيضاً سافلة الإنسان. ينظر الصحاح"عوى)، واللسان "عوى" 19/145
6 في تهذيب اللغة "رعى" 3/163: "والرعوى اسم من الإرعاء وهو الإبقاء... روى أبوعبيدة عن الكسائي: الرعوى والرعيا من رعاية الحفاظ، وقال الليث: يقال: ارعوى فلان عن الجهل ارعواءً حسناً ورعوىً حسنةً وهو نزوعه وحسن رجوعه، قلت: والرعوى لها ثلاثة معانٍ: أحدها: الرعوى اسم من الإرعاء وهو الإبقاء، والرعوى رعاية الحفاظ للعهد، والرعوى حسن المراجعة والنزوع عن الجهل". وينظر: المنتخب ص 572، وسر الصناعة ص 88-90.
7 من الذين صرَّحوا بذلك ابن السراج في الأصول 3/266، وابن جني في سر الصناعة 2/592، والأعلم الشنتمري في النكت في تفسير كتاب سيبويه 2/1138.



ص -160- الشَّرْوَى إذا كان غير مشتق وافق /(4-أ) كثيراً من نظائره كـ "النِّد"1، و "الحِتْنِ"2، و "التِّنِّ"3، و "الشَّيْعِ"4، و "الصِّرْع"5 معنى كل واحد من هذه كمعنى الشَّرْوى، ولا اشتقاق لها، فالأولى بالشرَّوَى أن يكون غير مشتق.
وأمَّا "الطُّغْوَى" فإنَّه قد روى في فعله "طَغَيْت طُغْيَاناً، وطَغَوْتُ طُغْوَاناً"6 فَرَدُّ "الطُّغْوَى إلى طَغَوتُ" أولَى من ردِّه إلى "طَغَيْتَ" تجنُّباً للشذوذ.
وأمَّا "العَوّى "فهو من عَوَيْت الشيءَ إذا لويته7. وقد روى منه"عَوَّة)8 بتغليب الواو على الياء كما فُعِلَ في "الفُتُوَّة"9 فليس ذلك؛

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق